عثمان الموسم الخامس
الدولة العثمانية منذ نشأتها حتى نهاية العصر الذهبي للدكتور أحمد فؤاد متولي.
موسوعة تاريخ الإمبراطورية العثمانية السياسي والعسكري والحضاري.
وأمام هذا المشهد من الضعف والهزيمة لجأ الإمبراطور البيزنطي أندرونيقوس الثاني إلى التحالف مع المغول الذين كانوا يسيطرون آنذاك على وسط وشرقي الأناضول فأرسل إلى الإلخان محمود غازان يعرض عليه التقارب الأسري بالزواج وقيام تحالف بين الدولتين الإلخانية والبيزنطية. لكن كما أسلفنا حرمت هزيمة غازان في شقحب المغول من طموحاتهم التوسعية. وتتحدث الروايات التاريخية عن مدى تأثير هزيمته في شقحب وحجم الهم والغم الذي وقع على قلبه حتى مرض وسال الډم من أنفه وأفرغ غضبه على قادة جيوشه فأعدم بعضهم وأذل البعض الآخر. ولم يعش بعد ذلك طويلا فتوفي يوم 6 شوال 703ه الموافق ل أيار مايو 1304م وماټ غازان وماټ معه أي أمل في تحالف مغولي بيزنطي لكنه فتح الباب واسعا لطموحات عثمان
وواصل جنود عثمان زحفهم حتى فتحوا مدينة بورصة بعد حصار طويل ثم شرع ابنه أورخان في تنظيم أحكامها وتحصين قلاعها ليتوجه بعد ذلك بالبشرى لوالده الذي كان طريح الفراش.
ولما دخل على والده وشاهده ينازع المۏت اغرورقت عيناه بالدموع وخاطبه بقول يا أعظم سلاطين البر والبحر كم قهرت أبطالا وافتتحت بلدانا ما لي أراك في هذه الحالة! فأجاب عثمان لا تجزع يا بني هذا مصير الأولين والآخرين وإنني الآن أموت فرحا مسرورا لكونك تخلفني وتقوم مقامي بإدارة هذا الملك السامي ثم فاضت روحه بعد صراع مرير مع داء المفاصل أو النقرس إلى جانب الصرع الذي أصيب به في سنواته الأخيرة. وكان النقرس مرضا وراثيا في الأسرة العثمانية وعانى منه الكثير من سلاطينها.
واختلف المؤرخون في تحديد موعد ۏفاة عثمان فقيل إنه ټوفي يوم 21 رمضان 726ه الموافق ل آب أغسطس 1326م وله من العمر نحو سبعين سنة. وقال المؤرخ العثماني روحي چلبي الذي عاش خلال القرن الخامس عشر الميلادي ودون تاريخ الدولة العثمانية حتى سنة 1481م في كتابه حامل عنوان تواريخ آل عثمان أن ۏفاة عثمان الغازي كانت سنة 1320م وتعددت الروايات التي اختلفت في تحديد موعد ۏفاته إلا أن المؤكد أن ۏفاته كانت بعد فتح مدينة بورصة وبعد ۏفاة الشيخ إده بالي بثلاثة أو أربعة أشهر وبعد ۏفاة زوجته ابنة شيخه بشهرين.
ولكن في عهد السلطان عبد العزيز أعيد بناء قبر عثمان بعد أن تهدم القپر الأول تماما في زلزال شديد ضړب المنطقة سنة 1855م ثم أمر السلطان عبد الحميد الثاني ببناء مقام له في سكود حيث ډفن عثمان للمرة الأولى.
بحسب المصادر التاريخية التركية فقد ترك عثمان وصية مكتوبة لولده أورخان يوصيه فيها بإكمال مسيرة الغزو والجهاد ضد الروم والتزام تعاليم الشريعة الإسلامية وملازمة العلماء والعدل مع الرعية والإخلاص للإسلام ورسالته. وتضمنت الوصية بعض النصائح إلى جميع أبنائه وإلى رفاق دربه.
ويبرز نص الوصية معالم تفكير عثمان ومنهجه وأسرار نجاحه حيث قال بسم الله الرحمن الرحيم يا بني إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلا. يا بني أحط من أطاعك بالإعزاز وأنعم على الجنود ولا يغرنك الشيطان بجندك وبمالك وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة. يا بني إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق فتحدث مرضاة الله جل جلاله. يا بني لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم أو سيطرة أفراد فنحن بالإسلام نحيا وللإسلام ڼموت وهذا يا ولدي ما أنت له أهل.
يا بني إنني أنتقل إلى جوار ربي وأنا فخور بك بأنك ستكون عادلا في الرعية مجاهدا في سبيل الله لنشر دين الإسلام. يا بني أوصيك بعلماء الأمة أدم رعايتهم وأكثر من تبجيلهم وانزل على مشورتهم فإنهم لا يأمرون إلا بخير. يا بني إياك أن تفعل أمرا لا يرضي الله عز وجل وإذا صعب عليك أمر فاسأل علماء الشريعة فإنهم سيدلونك على الخير. واعلم يا بني أن طريقنا الوحيد في هذه الدنيا هو طريق الله وأن مقصدنا الوحيد هو نشر دين الله وأننا لسنا طلاب جاه ولا دنيا.
مسلسل المؤسس عثمان من اخراج محمد بوزداغ يحاول الكاتب فية